“إم ترتسو”.. حركة يمينية عنصرية للرصد والملاحقة والترهيب: “إما الصهيونية وإما الفناء”

“إم ترتسو”.. حركة يمينية عنصرية للرصد والملاحقة والترهيب: “إما الصهيونية وإما الفناء”

  • “إم ترتسو”.. حركة يمينية عنصرية للرصد والملاحقة والترهيب: “إما الصهيونية وإما الفناء”

اخرى قبل 12 شهر

“إم ترتسو”.. حركة يمينية عنصرية للرصد والملاحقة والترهيب: “إما الصهيونية وإما الفناء”

الناصرة- “القدس العربي”:

لا تقتصر محاولات عملية تغيير النظام القضائي والسياسي في دولة الاحتلال على الائتلاف الحاكم الحالي، إذ هناك جمعيات إسرائيلية مدعومة من أوساط يهودية أمريكية بالأساس تمارس الرصد والترهيب والملاحقة والتأثير في الخطاب السياسي السائد، ضمن محاولاتها تجديد الصهيونية وحسم الصراع مع الشعب الفلسطيني بالقوة. ومن أبرز وأخطر هذه الجمعيات الصهيونية حركة “إم ترتسو” التي باتت عنواناً لملاحقة كل من ينتقد إسرائيل ويرفض الرواية الصهيونية.

 وكانت جامعة تل أبيب، في مطلع شباط المنصرم، قد رفضت طلباً لحركة “إم ترتسو” اليمينية المتطرّفة بحظر كتلة جفرا- التجمّع الطلابي في الشيخ مونّس، إثر النشاط السياسي والوطني لحزب “التجمّع الوطني الديمقراطي” وأعضائه وتنظيمه لمظاهرة طلابية، في أعقاب المجزرة التي ارتكبتها قوات الاحتلال، في نهاية كانون الثاني، في مخيم جنين واستشهد فيها 11 فلسطينياً وأصيب العشرات، عقب اقتحام المخيم. وقد جاء في رفض الجامعة أنه ليس من صلاحيات “إم ترتسو”، ولا من ضمن وظيفتها، المطالبة بحظر كتل طلابية في الجامعة.

 “إم ترتسو” (“إن شئتم”، بالعربية) تسمية مستوحاة من كتاب هرتزل “ألتنويلاند” “إن شئتم: هذه ليست أسطورة- بالعربية”، والذي يصف النشاط الاستيطاني اليهودي في فلسطين في نهاية القرن التاسع عشر وبداية العشرين.

بالنسبة للمركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية (مدار) تُثير هذه الحادثة تساؤلات حول الدور الذي تلعبه “إم ترتسو” في الفضاء الأكاديمي، وحول نفوذها وقدرتها على التأثير في المسار الأكاديمي والعمل النقابي والطلابي للفلسطينيين في الأوساط الأكاديمية في إسرائيل. ويشير “مدار” إلى أنه بالإمكان الاستزادة والتعرّف أكثر على “إم ترتسو” وغيرها من جمعيات ومنظّمات اليمين الصهيوني في إسرائيل في كتاب حول اليمين الجديد في إسرائيل سيصدر قريباً عنه.

ويضيف: “خلال العقدين الماضيين، اشتدّت مساعي اليمين ونُخبه وتياراته المركزية لتكريس وترجمة تفوقه البرلماني في إحداث تأثيرات وفرض تغييرات جوهرية لدى الإسرائيليين وتوجّهاتهم السياسية والفكرية والحزبية، وقد كان من أهم أدوات هذا التأثير تأسيس ودعم جمعيات ومنظّمات تنشط على مستويات عدّة؛ الإعلام، مراكز البحث والتفكير، الثقافة والرياضة، والمجتمع المدني بشكلٍ عام”. كما كان من بين أهم هذه الجمعيات “إم ترتسو” (“إن شئتم”، بالعربية) وهذه التسمية مستوحاة من كتاب ثيودور هرتزل “ألتنويلاند” “إن شئتم: هذه ليست أسطورة- بالعربية”، والذي يصف فيه هرتزل النشاط الاستيطاني اليهودي في فلسطين في نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، في حين يُشير أعضاؤها إلى أن تسمية الحركة هي اختصار للمقولة التي تُحاول الترويج لها وتجسيدها على الأرض: “إن شئتم: إما الصهيونية وإما الفناء”.

حركة يمينية فاشية

تأسّست حركة “إم ترتسو” في العام 2006، بمبادرة شخصيات يمينية بارزة كان في مقدمها رونين شوفال، الذي لا يزال يترأسها حتى يومنا هذا، وإيرز تدمور الذي نشط في حزب الليكود، وكانا من بين المشاركين في “برنامج القيادة الشابة” التابع لمعهد الإستراتيجية الصهيونية. تُعرِّف “إم ترتسو” عن نفسها بأنها منظّمة يمينية صهيونية محافظة تسعى لتعزيز “القيم الصهيونية” في إسرائيل والحفاظ على “دولة إسرائيل كدولة قومية للشعب اليهودي”، وذلك من خلال السعي لتجديد الخطاب والفكر والأيديولوجيا الصهيونية في المجتمع الإسرائيلي، وفي أوساط جيل الشباب ليكون مؤهلاً لقيادة الدولة في المستقبل. وتُعرف الحركة في الأوساط الإسرائيلية بدورها الكبير في نشر تقارير دورية عن الجمعيات والمنظّمات الحقوقية الإسرائيلية التي تُصنّفها “مُعادية لإسرائيل” و”خائنة” للقيم اليهودية- الإسرائيلية و”مُعادية للسامية” تحت مسوّغات عديدة، أبرزها مُساهمة هذه الجمعيات والمنظّمات في حملات مُناهضة لإسرائيل دولياً تعمل على نزع شرعية عنها ونفي مكانتها “كدولة قومية للشعب اليهودي”، يُضاف إلى ذلك، ملاحقة كافة الجمعيات والمنظّمات الفلسطينية والعالمية العاملة في هذه المجال. ولا تُخفي الجمعية رغبتها في تقويض أي خطاب للتيارات، السريّة والعلنية، التي تُصنّف “ما بعد صهيونية” في الخطاب الاجتماعي والسياسي والثقافي والإعلامي في إسرائيل، ومحاربتها من خلال إطلاق خطاب مُضادّ؛ مُنحاز لقيم اليمين الإسرائيلي وخطابه وتوجّهاته الفكرية والأيديولوجية المحافظة. كما تشنّ الحركة حملات تشويه وتحريض عنيفة على جمعيات إسرائيلية تصفها باليسارية، وجمعيات حقوق الإنسان المُناهضة لإسرائيل أو للاحتلال ممارساته في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967.

 بناءً على موقع الحركة على الشبكة، فإنها تُعدّ أكبر حركة يمينية في إسرائيل، وأصبحت تُدير، في العام 2022، أكثر من 20 فرعاً تتوزّع في جميع أنحاء البلاد، بما يشمل فروعها في الجامعات الإسرائيلية.

 تعمل “إم ترتسو” مع عائلات القتلى اليهود، والجنود في الجيش، وكل أنصار اليمين والمهاجرين الجدد، وفي الأوساط الجامعية بشكلٍ خاص لتثبيت مكانتها كلاعب مؤثّر وبارز في الخطاب السياسي والإعلامي في إسرائيل. كما تقود الحركة منذ تأسيسها صراعات واسعة النطاق وتنشر تقارير تكشف فيها “تورّط” المنظّمات التي يتم تمويلها من قِبَل “صندوق إسرائيل الجديد” وبعض الحكومات الأجنبية في أعمال “مُعادية لإسرائيل” وللديمقراطية فيها.

 وحول علاقة الحركة مع أحزاب اليمين ونُخبه في المستوى السياسي وارتباطها الوثيق بها، فقد دعت الحركة نُخب اليمين إلى اجتماعاتها السنوية والدورية التي تُقدّم فيها أوراق سياساتية وتصورات للقضايا الهامة التي تنشغل بها، وقد كان من أبرز نُخب اليمين المُشاركين في هذه المؤتمرات كمتحدّثين رئيسيين جدعون ساعر وموشيه يعلون، وغيرهما.

حملات “إم ترتسو” التي تتركّز في الأوساط الأكاديمية والجامعات الإسرائيلية تُقدّم نفسها على أنها شُرطي المعرفة في إسرائيل.

حملات دعائية

وأطلقت “إم ترتسو”، منذ تأسيسها، “حملات” إعلامية وسياسية شنّت خلالها حرباً على الجمعيات غير الإسرائيلية التي تراها “مُعادية” لإسرائيل، بالإضافة إلى الجامعات الإسرائيلية، حيث تدّعي الحركة أن هناك تحيّزاً ضد الصهيونية في الأوساط الأكاديمية الإسرائيلية يقوده الفلسطينيون في الداخل من خلال نشاطات الطلبة والمدرّسين في الجامعات. كما ترى أنه من المحظور أن يتم إعطاء مساحة أو هامش للفلسطينيين للتعبير عن هويتهم القومية والذاكرة الفلسطينية الجمعية، وقد أصدرت الحركة مؤخراً كتيباً أطلقت عليه بالعبرية “نكبة خرطا” لتفنيد رواية النكبة الفلسطينية والمجازر التي ارتكبتها العصابات الصهيونية خلال حرب النكبة ومجازر التطهير العرقي في العام 1948. وتتركّز حملات “إم ترتسو” بشكل أساس في المجالات الأكاديمية، القضائية، التربية والثقافة والفنون. كما أنها تنشغل بشكل رئيس في أربعة توجهات؛ “حماية أراضي إسرائيل”، “قسم الأبحاث العربية ومكافحة الإرهاب”، “قسم الأكاديميا” و”قسم التفكير الصهيوني”، وهنا نماذج منها.

       وضمن حملة ضدّ مزاعم “التحيّز ضد الصهيونية” في الأوساط الأكاديمية الجامعية في إسرائيل في العام 2008؛ تشير فيها إلى أن بعض الأكاديميين في بعض الكليات والجامعات يتبنّون رؤية ليبرالية من الصراع ويروّجون لأفكار معادية لإسرائيل مثل فكرة “دولة جميع مواطنيها”، وأفكار أخرى “مُعادية للصهيونية”.

اعرف القاضي

       وهناك حملة تحريضية ضد “الصندوق الجديد لإسرائيل” بتهمة تقديم الدعم لمنظّمات إسرائيلية تتعاون مع منظّمات دولية تسعى لنزع الشرعية عن إسرائيل ونفي طابعها اليهودي “كدولة قومية للشعب اليهودي. كذلك هناك حملات تحريض ضد القضاء والمحكمة العليا في إسرائيل، كان أبرزها حملة “اعرف القاضي” قبل سنّ وتشريع قانون القومية العنصري في العام 2018، وبموجب هذه الحملات، يتم توجيه اتهامات للجهاز القضائي والقضاء بالتهاون مع الفلسطينيين والعمل على تفكيك إسرائيل والتنازل عن “أرض إسرائيل”، من خلال قرارات وقف هدم بعض البيوت المهدّدة بالهدم، أو وقف مصادرة بعض الأراضي الخاصة في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 المهدّدة للمصادرة بسبب المشاريع الاستيطانية (حتى وإن كانت مثل هذه القرارات لا تصدر إلا مرة من بين مئات الحالات عن المحكمة). جدير بالذكر أن الحركة تلعب دوراً كبيراً في التحريض على جهاز القضاء في إسرائيل معتبرةً أن السلطة القضائية راكمت على مدار العقود الماضية، ومنذ تأسيس الدولة وحتى الآن، سلطة ونفوذاً وتأثيراً يفوق نفوذ السلطتين التشريعية والتنفيذية المنتخبتين من الجمهور واللتين تُعبّران عن إرادته، كما تلعب الحركة دوراً بارزاً في التحشيد الجماهيري لدعم مشروع “الانقلاب القضائي” الذي أثار عاصفة من الاحتجاجات في الشارع الإسرائيلي مؤخراً.

مدسوسون في الثقافة

      أما حملة “المدسوسون في الثقافة” فقد تم بموجبها، وما يزال، ملاحقة المؤسسات الفلسطينية في الداخل، العاملة في المجال الثقافي والأدبي والاجتماعي، والتي تتبنّى خطاباً وطنياً وتقدّم أجندة وطنية فلسطينية تُعبّر عن الفلسطينيين في الداخل بوصفهم جزءاً لا يتجزّأ من الشعب الفلسطيني وذاكرته الجماعية، حيث تعمل على التوجّه إلى الجهات الرسمية ذات العلاقة وتقديم طلبات لإلغاء الفعاليات، حظر الأنشطة وحظر المؤسسة والتحريض على الناشطين والعاملين فيها. وهناك أيضاً مجموعة من الحملات التي تستهدف بعض جمعيات ومؤسسات حقوق الإنسان الإسرائيلية المُناهضة للاحتلال الإسرائيلي في الأراضي المحتلة العام 1967، مثل نشطاء “لنكسر الصمت”. ويوضح التقرير أن هذه الحركة تقوم بالتحريض على هذه المؤسسات وتقديم طلبات لحظرها بموجب القانون الإسرائيلي، وكذلك التحريض على النشطاء فيها.

ويؤكد أن حملات “إم ترتسو” التي تتركّز في الأوساط الأكاديمية والجامعات الإسرائيلية تُقدّم نفسها على أنها شُرطي المعرفة في إسرائيل، وتتراوح هذه الحملات بين التحريض على الحركة الطلابية الفلسطينية في الجامعات الإسرائيلية، كما ذكر، وصولاً إلى الدعوة لطرد الأكاديميين الفلسطينيين وبعض الإسرائيليين الذين يتبنّون أي خطاب مُناهض للصهيونية أو للاحتلال الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 في الجامعات الإسرائيلية.

“حماية أرض إسرائيل”

       بما يتعلق بحملة “حماية أراضي إسرائيل”، وتحديداً في الأراضي المحتلّة عام 1967، فهي تهدف لتقديم مساعدة ومساندة المستوطنين ومشاريع الاستيطان الزراعية في الضفة الغربية لحمايتها من “المعتدين” الفلسطينيين عليها ومساندة جهود الحكومة الإسرائيلية والأجهزة الأمنية أمام محاولات العرب للسيطرة عليها واحتلالها.

 كذلك أصبحت الجامعات تحسب للحركة ونشطائها حساباً كبيراً قبل أن تتم الموافقة على أية أنشطة أو فعاليات للحركة الطلابية الفلسطينية في الجامعات الإسرائيلية، الأمر الذي يُشير إلى حجم تأثير ونفوذ “إم ترتسو” في المشهد الإسرائيلي

نجاحات الحركة الخطيرة

ويقول “مدار” إنه في الحقيقة لا يُمكن الاستهانة بالحملات التي شنّتها الحركة منذ تأسيسها وما زالت تشنها؛ حيث حقّقت هذه الحملات نجاحات كبيرة تمثّلت في رضوخ المستويات المختلفة، بما في ذلك السياسي، لمطالبها وتمرير أجنداتها، كذلك أصبحت الجامعات تحسب للحركة ونشطائها حساباً كبيراً قبل أن تتم الموافقة على أية أنشطة أو فعاليات للحركة الطلابية الفلسطينية في الجامعات الإسرائيلية، الأمر الذي يُشير إلى حجم تأثير ونفوذ “إم ترتسو” في المشهد الإسرائيلي بمستوياته المختلفة التي تنشط فيها الحركة وأعضاؤها. كما لا بدّ من الإشارة إلى أن الحركة، ورغم تعرّضها للعديد من الانتقادات في السنوات الماضية، بسبب مغالاتها في التطرّف والعنصرية من قِبَل بعض الإسرائيليين؛ إلّا أنها ما زالت تحظى بدعم كبير وسخي، سياسي ومالي وإعلامي وغيره، من قِبَل المستويات الرسمية وقطاعات عريضة من جمهور اليمين في إسرائيل. ويذكر أن الحركة تتلقّى دعماً مالياً مستمرّاً من الجمعيات والمنظّمات الأمريكية المُحافظة- بلغت قيمتها مئات آلاف الدولارات سنوياً، وقد بلغت ميزانية الحركة على سبيل المثال، وفقاً لمعطيات وزارة القضاء الإسرائيلية، ما يُقارب مليون دولار في العام 2020.

التعليقات على خبر: “إم ترتسو”.. حركة يمينية عنصرية للرصد والملاحقة والترهيب: “إما الصهيونية وإما الفناء”

حمل التطبيق الأن